اخبار العراقالتقارير

الإنترنت في العراق وحرب وزيرة الاتصالات و”إيرثلنك”.. النهاية ليست سعيدة

لم تهدأ الحملة التي شنتها أطراف عدة، أبرزها قوى على صلة بالإطار التنسيقي، ضد وزيرة الاتصالات هيام الياسري منذ مطلع هذا العام، وبلغت ذروتها في الأسابيع القليلة الماضية، مع حراك في مجلس النواب واتهامات بالفساد وسوء الإدارة، على خلفية إقالة مسؤولين في الوزارة، وخلاف كبير مع شركة “إيرثلنك”، أكبر مزودي خدمة الإنترنت في العراق.

قادت أطراف من الإطار التنسيقي حملة ضد وزيرة الاتصالات بتهم سوء الإدارة لكن الياسري تقول إنّ الحملة التي طالتها تقف خلفها شركة “إيرثلنك”

من بين أطراف الحملة، كانت زهرة البجاري النائب عن كتلة صادقون، الجناح السياسي لحركة “عصائب أهل الحق”، ثم حنان الفتلاوي التي خاضت أشرس مراحل الحملة ضد وزيرة الاتصالات هيام الياسري مؤخرًا عبر مجلس النواب، ووسائل إعلام على صلة بها، دون النقاش الحقيقي في واقع خدمة الإنترنت في العراق.

الحملة ليست جديدة

قبل ذلك، كان تحالف “سيادة”، الذي يضم حزبي رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وشريكه خميس الخنجر، قد اتهم الياسري بإعفاء مسؤولين “على أساس طائفي”، لكن الوزيرة قالت حينها إنّها تعتمد في عملها على “كوادر سنية”، وأكّدت أنّ أسباب الإعفاء قانونية ومهنية بحتة، وبعضها يتعلق بـ “فساد وتواطؤ” مع شركات الإنترنت.

ومع إعلان الوزيرة نيتها إنهاء “الاحتكار” في سوق الاتصالات، ثم اتهام شركة “إيرثلنك” صراحة بالهيمنة “غير القانونية” على سوق الإنترنت في العراق، والمسؤولية عن ضعف الخدمة، باتت الحرب الكلامية علنية، ولعب كلّ منهما أوراق ضغط عبر البرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

تقول الياسري، إنّ “إيرثلنك” هي السبب الرئيس وراء تردي خدمة الإنترنت في العراق، وتقول أيضًا إنّ وزارتها عازمة على إيجاد منافسين للشركة التي تستحوذ على 80% من السوق، على حد تعبيرها.

بالمقابل، يقول المعترضون إنّ الوزيرة أعلنت الحرب على “إيرثلنك”، لأسباب لا تتعلق بسوء الخدمة بقدر تعلقها بعقود جديدة تسعى الوزارة إلى إبرامها مع دول وشركات أخرى، وقد تنطوي على شبهات فساد.

تحتكر شركة “إيرثلنك” قطاع الإنترنت بنسبة 80% دون منافسين بحسب الياسري التي تريد إبرام عقود مع شركات جديدة ومد خط عبر السعودية

وفي جلسة الاستجواب التي أدارتها حنان الفتلاوي، برز الاعتراض الأكبر على مساعي الوزيرة لربط العراق بخط إنترنت بحري ثالث من خلال السعودية إلى الفاو، إلى جانب خطين تمتلك أحدهما شركة “إيرثلنك”.

وتحضر وزارة الاتصالات، مع قرب انتهاء عقود شركات الإنترنت خلال الفترة القليلة المقبلة، لعقود جديدة مع 5 شركات تتولى توفير الخدمة، ضمن مناطق محددة، حيث تراهن الياسري على تعدد مصادر الإنترنت، لتحسين الخدمة وفق مبدأ التنافس.

 

“شبكتي” أشعلت الحرب!

إلى جانب ذلك، تستند الوزارة في تحديها لشركة “إيرثلنك”، إلى ملف قانوني آخر يتعلق بقرصنة المحتوى السينمائي والرياضي، حيث تبث الشركة عبر منصتها الشهيرة “شبكتي” الأعمال السينمائية مجانًا، فضلاً عن مباريات دوريات كرة القدم الكبرى.

وفي هذا الصدد يقول موظف في الشركة لـ “الترا عراق”، إنّ “إيقاف بعض خدمات تطبيق شبكتي، الذي يوفر الأفلام والمباريات مجانًا، بضغط من وزارة الاتصالات، هو سبب إضافي للحرب بين إيرثلنك والوزيرة”، فبينما ترى الوزيرة أن التطبيق الذي تنفرد به الشركة يعرض العراق لدعاوى قضائية، تعرف الشركة جيدًا أنّ إغلاق التطبيق يعني خسارة نسبة هائلة من زبائنها الذين يقبلون على خدماتها “السيئة” من أجل هذا المحتوى.

ولا يستغرب الموظف، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، حجم الحملة التي أدارتها الشركة ضد وزيرة الاتصالات وإدارتها، مبينًا أنّ “الشركة بالطبع تدفع أموالًا لقنوات ووسائل إعلام عديدة تحت بند الإعلانات”.

ويقول إنّ “الشركة لا تحتاج في واقع الحال إلى إعلانات بوجود أكثر من 17 مليون مستخدم من أصل 22 مليون مستخدم في العراق، وهذه الأموال تدفع مقابل شراء السكوت، أو الاصطفاف لصالحها، في حال وقعت أي حرب مماثلة”، مشيرًا إلى أنّ “الشركات الكبرى جميعها تدفع ملايين الدولارات سنويًا إلى سياسيين ووسائل إعلام، لضمان مصالحها في العراق”.

يؤكّد موظف في “إيرثلنك” أنّ إيقاف بعض خدمات تطبيق “شبكتي” المقرصن كان أحد أبرز الأسباب في الحرب بين الشركة وهيام الياسري

بالمقابل، اصطفت وسائل إعلام أخرى إلى جانب الياسري “مقابل أموال ربما”، أو لعدم حصولها على “أموال وعقود إعلانية من شركة إيرثلنك”، كما يرى الموظف الذي يعمل لصالح الشركة منذ سنوات طويلة.

 

المؤاخذات بعيدة عن أصل المشكلة!

وتشعبت المؤاخذات ضد للوزيرة سواء في البرلمان من قبل النائب حنان الفتلاوي، أو في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث ضجت الصفحات بالحديث عن إهداء مقدمة بحثها للدكتوراه لرئيس النظام السابق، وأسئلة تتعلق بقرار حظر التلغرام، وهي بعيدة عن جوهر الملف، كما يقول المختص في شؤون تكنولوجيا المعلومات أمير السبتي.

ويشير السبتي في حديث لـ “الترا عراق”، إلى أنّ “معظم الأسئلة التي طرحت على الوزيرة في جلسة البرلمان، أو المؤاخذات المطروحة عليها في الإعلام، غير متخصصة ولا تخوض في أصل المشكلة الحقيقية في قطاع الإنترنت والاتصالات في العراق، ما يشير إلى أنّ حملة المساءلة بحق الوزيرة، حملة شخصية وليست وطنية”.

ويقول، إنّ “معظم المؤاخذات على الوزيرة هي مؤاخذات على إجراءات كانت ضد شركات اتصالات معينة، أو مخاطر تتعلق بأخرى، وهو ما يطرح شبهات عن وجود تخادم بين هذه الشركات، وبين جهات سياسية وإعلامية، وهو مؤشر خطير”.

في ذات الوقت، تشوب عمل الوزير “إخفاقات” كبيرة يمكن أن تتناولها الجهات الرقابية، دون “تلميع شركات الخدمة”، والكلام السبتي، من بينها “أسعار سعات الإنترنت التي تعتبر مرتفعة بشكل كبير مقارنة بالدول الإقليمية في المنطقة، فضلًا عن مشروع الكابل الضوئي الذي لم يصل إلى أكثر من 600 ألف مستخدم، على الرغم من تشغيله منذ 2021”.

ومن بين المؤاخذات التي تناولتها وسائل الإعلام المدافعة عن “إيرثلنك”، وكذلك النائب حنان الفتلاوي، هو تراجع تصنيف العراق على مقياس خدمة الإنترنت العالمي في عهد الوزيرة.

لا تملك وزيرة الاتصالات الكثير من الخيارات البديلة في ظل هيمنة شركة “إيرثلنك” شبه المطلق على مصادر وشبكات الإنترنت

لكن البيانات التي تظهرها منصة “سبيد تيست” المتخصصة، تشير إلى خلاف ذلك، حيث ارتفع تصنيف العراق من حيث جودة خدمة الإنترنت بين 117 -122 للفترة من كانون الأول/ديسمبر وحتى آب/أغسطس 2023، بفارق 2 – 4 نقاط عن الفترة التي سبقت تولي الياسري إدارة وزارة الاتصالات.

خيارات الوزيرة؟

ويعتقد أصحاب الاختصاص الذين سألهم “الترا عراق”، أنّ نهاية الأزمة بين الوزيرة وشركة “إيرثلنك” لن تكون سارة لمستخدمي الإنترنت في كلّ الأحوال.

وتستند هذه الرؤية إلى واقع هيمنة شركة “إيرثلنك” على قطاع الإنترنت والترفيه كذلك، بظهور وسائل إعلام على صلة بها، مقابل خيارات محدودة للوزارة إذا قررت إقصاء الشركة، بالنظر إلى سيطرتها منافذ الخدمة وشبكاتها، بما فيها المشروع الوطني للإنترنت، حيث تملك الشركة عقد إنشاء البنى التحتية الخاصة بالمشروع، وقد تحتاج سنوات طويلة وجهدًا استثنائيًا لتنويع مصادر الخدمة وكسر الاحتكار، بمواجهة نفوذ هائل.

“شبكتي” أشعلت الحرب!

إلى جانب ذلك، تستند الوزارة في تحديها لشركة “إيرثلنك”، إلى ملف قانوني آخر يتعلق بقرصنة المحتوى السينمائي والرياضي، حيث تبث الشركة عبر منصتها الشهيرة “شبكتي” الأعمال السينمائية مجانًا، فضلاً عن مباريات دوريات كرة القدم الكبرى.

وفي هذا الصدد يقول موظف في الشركة ، إنّ “إيقاف بعض خدمات تطبيق شبكتي، الذي يوفر الأفلام والمباريات مجانًا، بضغط من وزارة الاتصالات، هو سبب إضافي للحرب بين إيرثلنك والوزيرة”، فبينما ترى الوزيرة أن التطبيق الذي تنفرد به الشركة يعرض العراق لدعاوى قضائية، تعرف الشركة جيدًا أنّ إغلاق التطبيق يعني خسارة نسبة هائلة من زبائنها الذين يقبلون على خدماتها “السيئة” من أجل هذا المحتوى.

ولا يستغرب الموظف، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، حجم الحملة التي أدارتها الشركة ضد وزيرة الاتصالات وإدارتها، مبينًا أنّ “الشركة بالطبع تدفع أموالًا لقنوات ووسائل إعلام عديدة تحت بند الإعلانات”.

ويقول إنّ “الشركة لا تحتاج في واقع الحال إلى إعلانات بوجود أكثر من 17 مليون مستخدم من أصل 22 مليون مستخدم في العراق، وهذه الأموال تدفع مقابل شراء السكوت، أو الاصطفاف لصالحها، في حال وقعت أي حرب مماثلة”، مشيرًا إلى أنّ “الشركات الكبرى جميعها تدفع ملايين الدولارات سنويًا إلى سياسيين ووسائل إعلام، لضمان مصالحها في العراق”.

 

بالمقابل، اصطفت وسائل إعلام أخرى إلى جانب الياسري “مقابل أموال ربما”، أو لعدم حصولها على “أموال وعقود إعلانية من شركة إيرثلنك”، كما يرى الموظف الذي يعمل لصالح الشركة منذ سنوات طويلة.

 

المؤاخذات بعيدة عن أصل المشكلة!

وتشعبت المؤاخذات ضد للوزيرة سواء في البرلمان من قبل النائب حنان الفتلاوي، أو في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث ضجت الصفحات بالحديث عن إهداء مقدمة بحثها للدكتوراه لرئيس النظام السابق، وأسئلة تتعلق بقرار حظر التلغرام، وهي بعيدة عن جوهر الملف، كما يقول المختص في شؤون تكنولوجيا المعلومات أمير السبتي.

 

ويشير السبتي، إلى أنّ “معظم الأسئلة التي طرحت على الوزيرة في جلسة البرلمان، أو المؤاخذات المطروحة عليها في الإعلام، غير متخصصة ولا تخوض في أصل المشكلة الحقيقية في قطاع الإنترنت والاتصالات في العراق، ما يشير إلى أنّ حملة المساءلة بحق الوزيرة، حملة شخصية وليست وطنية”.

ويقول، إنّ “معظم المؤاخذات على الوزيرة هي مؤاخذات على إجراءات كانت ضد شركات اتصالات معينة، أو مخاطر تتعلق بأخرى، وهو ما يطرح شبهات عن وجود تخادم بين هذه الشركات، وبين جهات سياسية وإعلامية، وهو مؤشر خطير”.

في ذات الوقت، تشوب عمل الوزير “إخفاقات” كبيرة يمكن أن تتناولها الجهات الرقابية، دون “تلميع شركات الخدمة”، والكلام السبتي، من بينها “أسعار سعات الإنترنت التي تعتبر مرتفعة بشكل كبير مقارنة بالدول الإقليمية في المنطقة، فضلًا عن مشروع الكابل الضوئي الذي لم يصل إلى أكثر من 600 ألف مستخدم، على الرغم من تشغيله منذ 2021”.

ومن بين المؤاخذات التي تناولتها وسائل الإعلام المدافعة عن “إيرثلنك”، وكذلك النائب حنان الفتلاوي، هو تراجع تصنيف العراق على مقياس خدمة الإنترنت العالمي في عهد الوزيرة.

لا تملك وزيرة الاتصالات الكثير من الخيارات البديلة في ظل هيمنة شركة “إيرثلنك” شبه المطلق على مصادر وشبكات الإنترنت

لكن البيانات التي تظهرها منصة “سبيد تيست” المتخصصة، تشير إلى خلاف ذلك، حيث ارتفع تصنيف العراق من حيث جودة خدمة الإنترنت بين 117 -122 للفترة من كانون الأول/ديسمبر وحتى آب/أغسطس 2023، بفارق 2 – 4 نقاط عن الفترة التي سبقت تولي الياسري إدارة وزارة الاتصالات.

خيارات الوزيرة؟

ويعتقد أصحاب الاختصاص ، أنّ نهاية الأزمة بين الوزيرة وشركة “إيرثلنك” لن تكون سارة لمستخدمي الإنترنت في كلّ الأحوال.

وتستند هذه الرؤية إلى واقع هيمنة شركة “إيرثلنك” على قطاع الإنترنت والترفيه كذلك، بظهور وسائل إعلام على صلة بها، مقابل خيارات محدودة للوزارة إذا قررت إقصاء الشركة، بالنظر إلى سيطرتها منافذ الخدمة وشبكاتها، بما فيها المشروع الوطني للإنترنت، حيث تملك الشركة عقد إنشاء البنى التحتية الخاصة بالمشروع، وقد تحتاج سنوات طويلة وجهدًا استثنائيًا لتنويع مصادر الخدمة وكسر الاحتكار، بمواجهة نفوذ هائل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى